الجمعة، 11 سبتمبر 2009

رحلة المعراج

بسم الله الرحمن الرحيم
............................
.
.

فجئ الرسـول بالمعراج ، الذى تعرج عليه أرواح المؤمنين عند خروجها من البدن( حالة الموت ) تعرج عليه إلى الجنة ،فلم ير الخلائق أحسن من المعراج ،أَمَاَ رأيت الميت حين يشق بصره طامحاً إلى السماء ، فإن ذلك عجبة المعراج ، فهو لجسد النبى خاصة ، ولأرواح المؤمنين عامة . فالمسافة بين الأرض والشمس 150مليون كيلو متر ، أى للوصل الى الشمس بطائرة أسرع من الصوت نحتاج احدى عشر عام سفر متواصل دون توقف . فكيف وصل سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) الى فوق سبع سموات ، علما ما بين كل سماء وأخرى هى نفس المسافة بين السماء والأرض، نعم هى معجزة .
.
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أنطلق بى جبريل، حتى أتى بى إلى السماء الدنيا ،فإذا بملك يقال له : إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا ، وبين يديه سبعون ألف ملك ، مع كل ملك جنده مائة ألف ملك ، فقال : قال الله تعالى : {وما يعلم جنود ربك إلا هو} ما أُمرت أن أفتح لغيره ، فستفتح جبريل باب السماء ، قيل : من هذا؟ قال : جبريل (لم يقول أنا لأن أول من قال أنا هو أبليس لعنه الله ففيه إشعار بالعظمة فشقى)،قيل : ومن معك ؟ قال محمد ، قيل أوقد بُعث إليه ؟ قال : نعم ،قالوا : حياه الله من أخ وخليفة،فنعم الأخ ونعم الخليفة، ونعم المجئ جاء ، فإذا بأبوا البشر آدم عليه السلام تام الخلق لم ينقص من خلقه شئ كما تنقص من خلق الناس هيئته كهيئة يوم خلقه الله على صورته 60 ذراعاً ، تعرض عليه أرواح ذريته المؤمنين ، فينظر إلى يمينه فإذا بباب يخرج منه ريح طيبة فيضحك ويستبشر فيقول : روح طيبة ونفس طيبة أجعلوها فى عليين ، ثم تعرض عليه أرواح ذريته الفجار ، فينظر إلى شماله فإذا بباب يخرج منه ريح خبيثه فيبكى ويحزن ، فيقول روح خبيثه ونفس خبيثه أجعلوها فى سجين.
.
فقال لى جبريل :هذا أبوك آدم فسلم عليه ، فسلمت عليه ، فرد السلام ، ثم قال : مرحباً بالأبن الصالح والنبى الصالح.
.
فإذا بنهران يجريان بأستمرار دون أنقطاع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما هذان النهران ياجبريل ؟ فقال : هذان النهران هما النيل والفرات (منبعهما) .
.
- ثم مضيت هنيهة فإذا بأناء عليها لحم مشرح لا يقربه أحد ، وإذا بأناء أخر عليه لحم نتن ، عندها أناس يأكلون فيها ، فقلت : ياجبريل من هؤلاء ؟ قال هؤلاء قوم من أمتك يتركون الحلال ويأتون الحرام.
.
-ثم مضيت هنيهة ، فإذا بأقوام بطونهم أمثال البيوت كلما نهض أحدهم خر يقول : اللهم لا تقم الساعة ، وهم على سابلة آل فرعون ، فتجئ السابلة (أبناء السبيل المختلفة فى الطرقات) فتطؤهم ، فسمعهم رسول الله (صلعم) يضجون إلى الله تعالى ، قلت ياجبريل من هؤلاء ؟ قال هؤلاء من أمتك ((الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذى يتخبطه الشيطان من المس)).
.
- ثم مضيت هنيهة فإذا بأقوام مشافرهم كمشافر الإبل ، فيفتح على أفواههم ، ويُلقمون من ذلك الجمر، ثم يخرج من أسافلهم فسمعتهم يضجون إلى الله تعالى ، قلت : ياجبريل من هؤلاء؟ قال : هؤلاء من أمتك((الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنما يأكلون فى بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)).
.
- - ثم مضيت هنيهة ، فإذا بأقوام يقطع من جنوبهم اللحم فيلقمونه ، فيقال له كُل كما كنت تأكل من لحم أخيك . قلت ياجبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الهمازون من أمتك اللمازون (طعان غياب عياب الناس).
.
- - ثم صعد بى جبريل عليه السلام إلى  السماء الثانية فأستفتح بابها ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة،فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجئ جاء ، فدخلنا فإذا بشابين ، فقلت ياجبريل : من هذان الشابان ؟ قال : أبنا الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا.
.
- ثم صعد جبريل بى إلى السماء الثالثة فأستفتح بابها ، قيل : من هذا ؟ قال جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد، أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، فإذا برجل أحسن ما خلق الله ، قد فضل الناس بالحسن كالقمر ليلة البدر على سائر الكواكب ، ويُرى تلأ لؤ وجهه على الجدران كما يُرى تلأ لؤ نور الشمس على الماء ، قلت : ياجبريل من هذا ؟ قال : هذا أخوك يوسف ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي.
.
ثم صعد بى جبريل إلى السماء الرابعة ، فأستفتح جبريل بابها ، قيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة . فإذا بإدريس عليه السلام ، قد رفعه الله مكاناً علياً ، فسلمت عليه وسلم علي فقال :" مرحبا بالأخ الصالح الذي وعدنا أن نراه فلم نره إلا الليلة ، فإذا فيها مريم بنت عمران لها سبعون قصرا من لؤلؤ ولأم موسى بن عمران سبعون قصرا من مرجانه حمراء مكللة باللؤلؤ أبوابها وأسرتها من عرق واحد
.
- ثم صعد بي جبريل إلى السماء الخامسة ، فأستفتح جبريل بابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قالوا : من معك ؟ قال : محمد ، قالوا : أوقد بعث إليه ؟ قال : نعم . قالوا : حياه الله من أخ وخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة . فإذا برجل بلحية نصفها بيضاء ونصفها الأخر أسود ، تكاد لحيته تصب سرته من طولها ، فقلت : يا جبريل من هذا ؟ قال جبريل عليه السلام : هذا المُحبب في قومه ، هذا هارون بن عمران ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي .
.
ثم صعد بي جبريل إلى السماء السادسة فأستفتح جبريل بابها ، فقيل : من هذا ؟ قال جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بُعث إليه ؟ قال : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ والخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ، فإذا برجل آدم كثير الشعر ، ولو كان عليه قميصان لنفذ شعره من دونهما ، وإذا هو يقول : يزعم الناس أنى أكرم على الله من هذا ، بل هذا أكرم على الله منى ،فقلت يا جبريل من هذا ؟ قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومعه نفر من قومه ، فسلمت عليه وسلم علي ، فلما تجاوزت بكى فقيل له ما يُبكيك ؟ قال موسى عليه السلام : أبكى لأن غُلاماً بُعث بعدى يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي .
.
ثم صعد بى جبريل إلى السماء السابعة فأستفتح بابها ، فقيل : من هذا ؟ قال : جبريل ، قيل : ومن معك ؟ قال : محمد ، قيل : أوقد بعث إليه ؟ قيل : نعم ، قالوا : حياه الله من أخ وخليفة ، فنعم الأخ ونعم الخليفة ونعم المجئ جاء ، فإذا برجل أشمط جالس عند باب الجنة على كرسى وعنده قوم جلوس ، بيض الوجوه عليهم ثياب كأنها القراطيس ، وقوم فى ألوانهم شئ وعليهم ثياب رمد فدخلوا نهراً فأغتسلوا فيه فخرجوا منه خلص من ألوانهم شئ ، ثم دخلوا نهراً فأغتسلوا فيه فخرجوا قد خلص من ألوانهم شئ ، فقال رسـول الله (صلى الله عليه وسلم) :ياجبريل من هذا الأشمط ثم من هؤلاء البيض الوجوه ومن هؤلاء الذين فى ألوانهم شئ ؟! قال جبريل عليه السلام : هذا أبوك إبراهيم أول من شمط على الأرض ( شاب شعر رأسه ) ، وقـال لـى إبراهيم يامـحمد أقرىء أمتك منى السلام وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة ، عذبه الماء وإنها قيعان (أرضـها واســـعة وفســــيحة مُستوية) وأن غراسها(الأستزادة من نعيمها يكون ب) سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا والله أكبر.وقال لى جبريل وهؤلاء البيض الوجوه قوم لم يلبسوا إيمانهم بظلم ، وأما هؤلاء الذين فى ألوانهم شئ فقوم خلطوا عملاً صالحاً وأخر سيئاً فتاب الله عليهم ، وأما الأنهار فأولها رحمة الله ، والثانى نعمة الله ، والثالث سقاهم ربهم شراباً طهورا .  
.
قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بينما أنا صاعد رأيت ملكا عظيم الخلقه والمنظر قد بلغت قدماه تخوم الأرض السابعة ورأسه تحت العرش وهو جالس على كرسي من نور والملائكة بين يديه وعن يمينه وعن شماله ينتظرون أمر الله تعالى عز وجل وعن يمينه لوح وعن شماله شجرة عظيمة إلا انه لم يضحك أبدا فقلت يا آخي يا جبريل من هذا ؟ قال جبريل : هذا هادم اللذات ومفرق الجماعات ومُخرب البيوت والدور ومعمر القبور وميتم الأطفال ومرمل النساء ومفجع الأحباب ومغلق الأبواب ومسود الأعتاب وخاطف الشباب ، هذا ملك الموت عزرائيل فهو ومالك خازن النار لا يضحكان ابداً ، فأدن منه وسلم عليه فدنوت منه وسلمت عليه فلم يرد السلام فقال له لِمَ لم ترد السلام على سيد الخلق وحبيب الحق فلما سمع كلام جبريل وثب قائما ورد السلام وهنأني بالكرامة من ربي وقال ابشر يا محمد فان الخير فيك وفي أمتك إلى يوم القيامة فقلت يا أخي يا عزرائيل هذا مقامك ؟ قال نعم منذ خلقني ربي إلى قيام الساعة ، فقلت كيف تقبض الأرواح وأنت في مكانك هذا ؟ قال إن الله أمكنى من ذلك وسخر لي من الملائكة خمسة آلاف أفرقهم في الأرض فإذا بلغ العبد اجله واستوفي رزقه وانقضت مدة حياته أرسلت له أربعين ملكا يعالجون روحه فينزعوها من العروق والعصب واللحم والدم ويقبضونها من ررؤس أظافره حتى تصل إلى الركب ثم يريحون الميت ساعة ثم يجذبونها إلى السرة ثم يريحونه ساعة ثم يجذبونها إلى الحلقوم فتقع في الغرغرة فأتناولها وأسلها كما نسل الشعرة من العجين فإذا انفصلت من الجسد جمدت العينان وشخصتا لانهما يتبعان الروح فأقبضها بإحدى حربتي هاتين وإذا بيده حربة من النور وحربة سخط ، فالروح الطيبة يقبضها بحربة النور ويرسلها إلى عليين والروح الخبيثة يقبضها بحربة السخط ويرسلها إلى سجين وهي صخرة سوداء مد لهمة تحت الأرض السابعة السفلي فيها أرواح الكفار والفجار ،قلت: وكيف تعرف حضر اجل العبد أم لم يحضر، قال: يا محمد ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب ينزل منه رزقه و باب يصعد إليه عمله وهذه الشجرة التي عن يساري ما عليها ورقة إلا عليها اسم واحد من بني آدم ذكور وإناثا فإذا قرب أجل الشخص اصفرت الورقة التي كتب عليها اسمه وتسقط على الباب الذي ينزل منه رزقه ويسود اسمه في اللوح فأعلم أنه مقبوض فأنظر إليه نظرة يرتعد منها جسده ويتوعك قلبه من هيبتي فيقع في الفراش فأرسل إليه أربعين من الملائكة يعالجون روحه وذلك قوله تعالي : ( حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ) قلت يا أخي يا عزرائيل ارني صورتك التي خلقك الله عليها وتقبض فيها الأرواح قال يا حبيبي لا تستطع النظر إليها فقلت أقسمت عليك إلا فعلت وإذا بالنداء من العلي الأعالي لا تخالف حبيبي محمد فعند ذلك تجلى ملك الموت في الصورة التي يقبض فيها الأرواح قال النبي صلى الله عليه وسلم فلما نظر ملك الموت إلي وجدت الدنيا بين يديه كالدرهم بين يدي أحدكم يقلبه كيف يشاء ارتعد قلبي ورجف منه فوضع جبريل يده على صدري فرجعت روحي إلي وعقلي فقال جبريل يا محمد ما بعد القبر إلا ظلمة القبر ووحشته وسؤال منكر ونكير، قال النبي صلى الله عليه وسلم فودعته . فدعا رسول الله ربه بأن لا يظهر بقبض أرواح أمته ، فستجاب له الله .

.
فدخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) البيت المعمور وهو كعبة أهل السماء ككعبة أهل الأرض وهى فوق كعبة الأرض، ودخل معه الذين عليهم الثياب البيض ، وجنب الآخرون الذين عليهم ثياب رمد وهم على خير ، وصلى مع من دخلوا معه بالبيت المعمور ، ثم خرج ومن معه ،وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): فرأيت ملائكة فى موضع بمنزلة شرف يمشى بعضهم تجاه بعض ، فسألت جبريل إلى أين يذهبون ؟، فقال جبريل : لا أدرى! إلا إنى أراهم منذ خُلقت ولا أدرى واحد منهم قد رأيته قبل ذلك ، ثم سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم)  واحد منهم ، منذ كم خلقت ؟ فقال : لا أدرى غير أن الله عز وجل يخلق فى كل أربعمائة ألف سنة كوكباً وقد خلق منذ خلقنى أربعمائة ألف كوكب فسبحان من أله ما أوسع ملكوته ، فما من مقدار شبر فى الملأ الأعلى إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم ، له زجل بالتسبيح والتقديس . ثم أنطلقنا حتى أنتهى إلى نهر عليه آنية من الياقوت واللؤلؤ والزبرجد وعليه طير خضراء فقلت ياجبريل إن هذا الطير ناعم ، فقال :يامحمد أكله أنعم منه ، ثم قال : أتدرى يامحمد أى نهر هذا ؟ قلت : لا ، قال : هذا هو الكوثر الذى أعطاك الله إياه ، فتأملت فيه ، فإذا فيه آنية الذهب والفضة يجرى على رضراض من الياقوت والزمرد مآؤه أشد بياضاً من اللبن . وقال سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) فأخذت من آنية فأغترقت من ذلك الماء فشربت ، فإذا هو أحلى من العسل وأشد رائحة من المسك .
.
ثم رُفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى سدرة المنتهى، فنادى على جبريل ليكمل معه المسيرة ، فلم يستجب له ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفى هذا المكان يترك الخليل خليله ، قال جبريل عليه السلام : نعم يامحمد وما منا إلا له مقام معلوم ، فيعز علي فراقك يارسول الله ، يارسول الله إذا تقدمت أنت أخترقت وإذا تقدمت أنا أحترقت ، والذى بعثك بالحق ولو أنى تقدمت خطوة واحدة لأحترقت بنور الجلال .
.
فهذه السدرة ينتهى إليها كل أحد خلا من أمتك على سبيلك ، فإذا كل ورقة منها تكاد تُغطى هذه الأمة ، وإذا فيها عين تجرى يقال لها : سلسبيل ، فيشق منها نهران : أحدهما الكوثر والأخر الرحمة ، فأغتسلت فيه فغفر لى ما تقدم من ذنبى وما تأخر.
.
ثم إنى رُفعت إلى الجنة فأستقبلتنى جارية ، فقلت : لمن أنتِ ياجارية ؟ قالت : لزيد أبن حارثة ، ورأيت قصراً من ذهب فقلت (لمن هذا)؟ قيل : لشاب من قريش ، فظننت أنه هو ،فقيل : لعمر بن الخطاب، وإذا بأنهار يخرج منها ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وأنهار من خمر لذة للشاربين ، وأنهار من عسل مصفى ، و شجرُها يسير الراكب فى ظلها سبعين عاماً لا يقطعها ، وإذا رمانها كأنها الدلاء عظماً ، وإذا بطيرها كأنها بختيكم هذه ، فقال عندها صلى الله عليه وعلى آله وسلم : إن الله قد أعد لعباده الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر . ثم عرضت علي النار فإذا فيها غضب الله ورجزه ونقمه ، لو طرحت فيها الحجارة والحديد لأكلتها ، ثم أغلقت دونى.
.
-ثم عرج بى إلى مُستوى يُسمع فيه صريف الأقلام وهو مُستوى عالياً فيه الملائكة تكتُب بالأقلام قضاء الله تعالى وأمره ، فدنا الله رب العزة فتدلى حتى كان بين رسول الله (صلى الله عليه وسلم)وربه قاب قوسين أو أدنى ، فخر رسول الله ساجداً لله عز وجل فقال:التحيات لله والصلاوات والطيبات ، فقال الله عز وجل :السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، فلما وجدت الملائكة تحية رب العالمين لرسوله الكريم فقالوا : اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فى العالمين إنك حميد مجيد.
.
- قال الله عز وجل : سـل يامحمد ، فقال سيدنا محمد : إنك أتخذت إبراهيم خليلا ، وأعطيته ملكاً عظيما ، وكلمت موسى تكليما ، وأعطيت داود ملكاً عظيما ، وألنت له الحديد وسخرت له الجبال وأعطيت سليمان ملكاً عظيماً ، وسخرت له الجن والإنس والشياطين ، وسخرت له الرياح ، وأعطيته ملكاً لا ينبغى لأحد من بعده ، وعلمت عيسى التوراة والإنجيل ، وجعلته يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى بإذنك ، وأعذته وأمه من الشيطان الرجيم ، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل، فقال الله عز وجل : يامحمد قد أتخذتك حبيبا وهو مكتوب فى التوراة محمد حبيب الرحمن ،وأرسلتك إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً ، وشرحت لك صدرك ، ووضعت عنك وزرك ، ورفعت لك ذكرك فلا أُذكر إلا ذُكرت معى ، وجعلت أمتك خير أمة أخرجت للناس ، وجعلت أمتك أمة وسطا ، وجعلت أمتك هم الأولين وهم الأخرين ، وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدى ورسولى، وجعلت من أمتك أقواماً قلوبهم أناجيلهم ، وجعلتك أول النيين خلقاً،وآخرهم بعثاً ،وأولهم يقضى له ، وأعطيتك سبعاً من المثانى لم أعطيها نبياً قبلك ، وأعطيتك خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم أعطيهم لنبياً قبلك ، وأعطيتك الكوثر ، وأعطيتك ثمانية أسهم : الإسلام،الهجرة،والجهاد،والصلاة، والصدقة،وصوم رمضان،والأمر بالمعروف،والنهى عن المنكر.
.

وجعلتك فاتحاً وخاتماً ، يامحمد إنى يوم خلقت السموات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها أنت وأمتك ، ثم أنِجَلت عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)سحابة كانت قد غشيته عند لقائه مع رب العزة ، فأنصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مُسرعا ، فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : فأتيت على إبراهيم فلم يقل لى شيئا ، ثم أتيت على موسى (كان موسى من أشدهم عليه حين مر به ، وخيرهم له حين رجع إليه)ً فقال : ما صنعت يامحمد؟ فقلت : فرض ربىعلي وعلى أمتى خمسين صلاة . قال:أرجع إلى ربك فأسأله التخفيف فإن أمتك لا يطيقون ذلك ، فإنى قد بلوت بنى إسرائيل وخبرتهم ،فألتفت إلى جبريل فأشار إلى أن نعم إن شئت ، فرجعت سريعاً حتى غشيتنى السحابة فخررت ساجداً ، وقلت ربى إنك فرضت على وعلى أمتى خمسين صلاة فأسألك ربى التخفيف، قال الله عز وجل : وقد وضعت عنكم عشراً ، فأنجلت عنى السحابة فأنصرفت مُسرعاً ، فأتيت إبراهيم فلم يقل شيئاً ، ثم أتيت موسى فقال : ما صنعت يامحمد؟ فقلت:وضع عنى عشراً ، فقال موسى : لن تستطيع أمتك فأرجع إلى ربك فأسأله التخفيف .....وأستمر هذا التخفيف حيث قال يا رب إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأبدانهم فخفف عنا فقال الجبار : يا ‏ ‏محمد :‏ ‏قال لبيك وسعديك، قال الله عز وجل لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :هى خمس لا يُبدل القول لدى ، يامحمد إنهن خمس صلوات لكل يوم وليلة لكل صلاة عشر فتلك خمسون ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشراً ، ومن هم بسيئة ولم يعملها كتبت له حسنة ، ومن عملها كتبت له سيئة واحدة ، فأنجلت عنى السحابة فأنصرفت مُسرعاً ، ومررت على إبراهيم فلم يقل شيئاً ، ثم أتيت على موسى فقال : ما صنعت يامحمد ؟ فأخبرته فقال لى أرجع يامحمد إلى ربك فأسأله التخفيف ، فقلت : قد رجعت إلى ربى حتى أستحييت منه. فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لجبريل : ما لى آت أهل سماء إلا رحبوا بى وضحكوا لي غير رجل واحد فسلمت عليه فرد السلام ورحب بى ولم يضحك إلي ؟ فقال جبريل عليه وسلام:يامحمد ذاك أسمه مالك خازن جهنم لم يضحك منذ خُلِقت ولو ضحك إلى أحد لضحك إليك .
.
ثم ركب منصرفاً رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ، فبينما هو فى طريق عودته مر بعير لقريش تحمل طعاماً، منها جمل عليه غرارتان(قربتان) غرارة سوداء وغرارة بيضاء ، فلما حاذى رسول الله بالبعير نفرت منه وأستدارت وصرع ذلك البعير وأنكسر.

.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) : فأصبحت بمكة ، فأثقلنى أمرى، وعرفت أن الناس مُكذبى،فقعدت معتزلاً حزيناً ، فمر به عدو الله أبو جهل ،فجاء حتى جلس إليه،فقال له كالمستهزئ : هل كان من شئ؟فقال سيد الخلق محمد صلى الله عليه وسلم :إنى أُسرِى بى الليلة،قال أبو جهل إلى أين؟قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم):إلى بيت المقدس ، قال أبو جهل : ثم أصبحت بيننا؟ قال رسول الله : نعم . فقال عدو الله: أرأيت إن دعوت قومك أتحدثهم بما حدثتنى؟ قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم : نعم. فنادى أبو جهل عدو الله هيا معشر بنى كعب بن لؤى ، هلموا ، فجاؤوا حتى جلسوا إليهما . فقال عدو الله حدث قومك بما حدثتنى،فقال رسول الله(صلى الله عليه وسلم) إنى أسرى بى الليلة ، قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى بيت المقدس ، قالوا : ثم أصبحت بيننا ؟ قال : نعم ، فقال رسول الله فرأيت القوم بين مصفق ، ومن بين واضع يده على رأسه مُتعجباً ، فقال عدو الله أبو جهل :ألا تعجبون مما يقول محمد ؟ يزعم أنه أتى البارحة بيت المقدس ، ثم أصبح فينا ، وأحدُنا يضرب مطيته مصعده شهراً ومنقلبه شهراً ، فهذه مسيرة شهرين فى ليلة واحدة!فقال أحداً من قومه ما علامة ما تقول ؟ فحكى رسول الله ما رأه من بعير وما حدث وانها ستأتى قبل غروب هذا اليوم ، فقالوا سنرى، وقال أحد المشركين : يامحمد أنا أعلم الناس ببيت المقدس ، فكيف بناؤه؟وكيف هيئته؟وكيف قربه من الجبل؟فأنزل الله عز وجل جبريل عليه السلام يحمل لرسول الله بيت المقدس ،فأخذ رسول الله ينظر إليه ويصفه بدقة متناهية،فقال السأل:صدقت يارسول الله ،فذهب بعض المشركين إلى أبو بكر الصديق يحكوا له ما قاله صاحبه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه والله ِإن قال ذلك فقد صدق وأنا لنصدقه فيما هو أبعد من هذا ، نصدقه على خبر السماء، فسمى أبو بكر (الصديق).
.
فسأل المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟قال عليه الصلاة والسلام : رأيت نوراًفقالوا وهل سنرى ربنا يوم القيامة ؟فقال عليه الصلاة والسلام : نعم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر.
.
فأنتظر المشركون العير حتى أتى وقت الغروب ولم تأتى ، فأخذوا ينظرون إلى رسول الله على عدم الوصول وباقى لحظات وتغرب الشمس ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه بأن لا تغرب الشمس قبل عودة العير، فكان أمر الله بأن لا تغرب الشمس حتى تظهر عودة العير وكانت هذه معجزة من معجزات سيدنا محمد أكرمها به الله عز وجل ، فظهرت العير وبشر أهل مكة بالوصول وهنا شكر وحمد رسول الله ربه،فسأل المشركين العير على ما حدث لهم فأخبروهم مثل ما حدثهم عليه رسول الله(صلى الله عليه وسلم)،فآمن من آمن بالله ورسوله وبقى من بقى على كفرهم واستمروا في أذى الرسول صلى الله عليه وسلم .
.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ42 مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ43 وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ العَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُم مِّنْ قَبْل ُمَا لَكُم مِّنْ زَوَالٍ44 وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الأَمْثَال45 وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الجِبَال46 فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ 47 يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ 48وَتَرَى المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ 49 سَرَابِيلُهُم مِّنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ50 لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الحِسَابِ51 هَذَا بَلاغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ52 .